الأحد، 16 مارس 2014

هشام الطيب.. تجربة من فلسطين المحتلة

بطبيعة الحال يجد الشباب الفلسطيني صعوبة شديدة في ممارسة أنواع كثيرة من الألعاب الرياضية ولكن مع ذلك تحتل الفنون الحربية وفي مقدمتها الكونجوفو مكانة بارزة بين شباب فلسطين خاصة ان التدريب على هذا النوع من الأساليب لايحتاج إلى إمكانيات مادية مكلفة إلى جانب أنه يمكن التدريب في مساحات ضيقة ومن أشهر الأساليب المنتشرة في فلسطين المحتلة وفي مدينة غزة على وجه التحديد أسلوب الوينج تشان وهو أسلوب دفاعي أكثر منه هجومي ويعتمد على الذراع أكثر من القدمين ولايحتاج إلى لياقة بدنية عالية وأسلوب الساندا وهو الكونجوفو المستخدم في مباريات الكونجوفو الدولية وينقسم إلى ضربات اليد وركلات بالساقين إلى جانب المصارعة وحول فريق فلسطين للساندا يتحدث اللاعب هشام الطيب الحاصل على المركز الثاني في البطولة العربية وزن 70 كيلو فيقول أحتل منتخب فلسطين للساندا المركز الثاني على مستوى الوطن العربي في البطولة التي أقيمت في مصر منذ سنوات ولكن منذ تلك السنة لم نشترك في أى بطولة كان هناك معسكر تجهيز لبطولة أخرى بلبنان ولكن الفريق لم يتمكن من السفر وبطبيعة الحال بعد بدء الانتفاضة أنتهي ما كان يعرف باسم منتخب الشرطة الفلسطينية للساندا تحت قيادة الكابتن هيثم الراعي المدير الفني للفريق.ويستطرد هشام الطيب حديثه عن الساندا الفلسطينية فيقول في الأيام الأولى لي منذ دخولي غزة اشتركت في فريق الشرطة الفلسطيني وتقدمت سريعا في أسلوب الساندا خاصة أنني ولدت في أسرة رياضية بمدينة الإسماعيلية بمصر وقبل أن أتعلم من هيثم الراعي الضربات والركلات تعلم أساس لعبة الكونجوفو وهو تعلم وتدرب باستمرار فمن خلال هذا المبدأ فقط تستطيع على المستوى المطلوب كلاعب ساندا فالتدريب ساعتين يوميا لمدة ثلاث أيام أسبوعيا لا تكفي لصنع لاعب حقيقي لذا تحول التدريب إلى سلوك في حياتي فأصبح التدريب يوميا وكلما أتيحت لي الفرصة وتطور الأمر فقررت الالتحاق بالجامعة لإكمال دراستي والاستفادة من المناخ المتاح لي داخل مدينة غزة حتى حصلت على المركز الثاني في البطولة العربية ومعي أبطال الساندا الفلسطيني أحمد العطلة وحسن السوسي وعبد الكريم الزر وصالح وغيرهم من أبطال فلسطين ولا أنسي هنا ذكر كابتن محمود الشريف ذلك اللاعب المعاق الذي تمكن من الحصول على بطولة مصر للكونجوفو خمس مرات متتالية بل والحصول على منحة للسفر إلى الصين ولكن للأسف لم تتاح لي الفرصة للتدرب معه فقد قتله الإسرائيليين في منطقة "أييرز" في أحد هجماتهم الغادرة ولكني لا أنسي العرض الذي قدمه في احد دورات الكونجوفو حيث قام بعرض كاتا رائعة وأستعرض قدراته في اللعب بأسلوب السكران وهو من الأساليب الصعبة جدا على أصحاب البنية السليمة فما بالك بشخص معاق حيث ان كابتن محمود مصاب بشلل الأطفال منذ صغره.فريق الساندا الفلسطيني أشبه بعائلة كبيرة وكل من ينضم للفريق يصبح ضمن هذه العائلة وكما قلت من قبل أصبح مبدأ الكونجوفو تعلم وتدرب باستمرار فحتى بعد أن ابتعدت عن الكونجوفو لبعض الوقت لم أبتعد عن ممارسة الرياضية وكذلك لم أبتعد عن التعلم فالتحقت بدورات للكمبيوتر وكذلك تعلمت اللغة العبرية وحسنت مستواى بالنسبة للغة الإنجليزية ولكني تجربتي الحقيقية مع الكونجوفو بدأت في مسجد فتحي الشقاقي بالقرب من معبر المنطار ولكن للأسف هذا المكان الان محتل من قبل القوات الإسرائيلية.البداية صلاة العشاءكنت أصلى العشاء كعادتى في مسجد فتحي الشقاقي ثم انصرف إلى بيتي بعد ذلك، وجاءت فترة ركود للفريق لم تكن هناك أية تدريبات لذا كنت مضطرا للتدريب منفردا كلما سنحت لى الفرصة وبينما أنا في صلاة العشاء في أحد الأيام كان بجواري ولد صغير يصلي أسمه نبيل العابد بالصف الثالث الإعدادي كنت أراه كثيرا في المسجد ولكننا لم نتحدث معا على الإطلاق وما أن انتهي من صلاته حتى ألتفت له وسألته ما أسمك فرد نبيل فأكملت – نبيل تحب نلعب كونجوفو فهز رأسه مشجعا لى وبدأت في تعليمه بعض الحركات وبعد أسبوع واحد أصبح لدى أربعة لاعبين نبيل وشادى وفداء  ومصعب وبعد أيام قليلة أصتحبتهم إلى احد النوادي التي يدرب بها الكابتن حسن السوسي الذي يعتبر اللاعب الأول في الساندا على مستوى غزة في تلك الفترة وحدث تدريب مشترك بينهم وبين فريقه وعاد الأولاد سعداء بما رأوه في تلك الليلة أساليب وتكنيك لعب وفي اليوم التالي فؤجئت بوجود أكثر من 30 شاب من مختلف الأعمار يصلون معي العشاء في نفس المسجد ويطلبون منى أن أقوم بتدريبهم على الساندا وبعد فترة تطور الأمر وأصبح لدينا صالة خاصة بنا قدمها لنا أحد أولياء الأمور.شعور العائلة الكبيرة هو شعور الفريق الذي قمت بتشكيله ومبدأ تعلم وتدرب باستمرار فالأمر لم يتوقف على التدريب على الساندا فالصالة أصبحت تضم غرفة للكمبيوتر وكدنا ان توسع إلى نادى للعلوم وورشة للإلكترونيات ولكن تحطم هذا الحلم مع الدبابات الإسرائيلية التي احتلت المكان وغيرت مكان إقامتي إلى داخل مدينة غزة بعيدا عن معبر المنطار .
أعرف طبعا أن الساندا لا تصلح مع المدافع والدبابات والصواريخ الإسرائيلية ولكن يجب أن نكون مستعدين بكل الوسائل المتاحة والكونجوفو إحدى هذه الوسائل وحاليا لا يوجد تدريب بالمعني المعروف ولكن عندما تعود الأمور إلى الاستقرار سوف أعود للتدريب من جديد وتجميع الفريق مرة أخرى وإدخال ألعاب أخرى ووسائل تعليمية جديدة ومحاولة صنع شئ من خلال الإمكانات البسيطة المتاحة لنا وحتى الآن لم أفقد لياقتي فكلما سنحت لي الفرصة أقوم بعمل بعض السويدي ومراجعة تكتيك اللعب والضربات والحركات الطائرة سواء منفردا أو مع صديق عندما تسمح الظروف وخلال هذا التدريب أستعيد ذكريات سعيدة كانت لي مع شباب غزة في مسجد الشقاقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق