الأحد، 16 مارس 2014

انصر فلسطين بالكونج فو

فنون الدفاع عن النفس أو الفنون الآسيوية التي تُعرف في عالمنا العربي باسم الكونج فو أو الكاراتيه أو غيرها على اختلاف الأسلوب والمدرسة والأصول التاريخية كلها تصب في تعريف واحد وهو فن القتال الحربي، وهذه الألعاب كانت تستخدم قديما ولا تزال حتى الآن في تدريب الجنود على القتال البدني بدون أسلحة وإكسابهم القوة البدنية النفسية اللازمة للمعارك والحروب الشرسة ولا تزال تحظى بنفس الاهتمام رغم مرور الآلاف السنين على اكتشاف هذه الفنون.
في خلال زيارة لي لغزة عام 1998 لم يكن الصعب ملاحظة اهتمام شباب فلسطين بهذه الألعاب وكانت هناك وقتها نوادي ومراكز لتعليم أسلوب الساندا وهو أسلوب قتالي باليد والأرجل والمصارعة في نفس الوقت وهو الأسلوب المستخدم في البطولات الدولية حاليا وكذلك كان هناك أسلوب الوينج تشان وهو أسلوب دفاعي يعتمد على اليد بشكل أساسي والكاراتيه أو لعبة اليد الحرة اليابانية المعروفة والجودو وهو أسلوب ياباني أيضا.
شاهدت هناك العشرات من الشباب المبدعين في هذه اللعبة من أمثال حسن السوسي وعبد الكريم الزر وهشام الطيب وأحمد العطلة وكان من بينهم أيضا الشهيد محمد العطلة رحمه الله أيضا الذي توفي في حادثة الطفل محمد الدرة أثناء محاولة لإنقاذه. والظريف وجود إتحاد للنشاكو في غزة بينما لايوجد مثل هذا الاتحاد في الكثير من الدول العربية والننشاكو هو سلاح خشبي كان يُستخدم في الماضي من قبل الفلاحين لمحاربة اللصوص والساموراي الذين يسرقون قوت الناس وحاليا هو أداة فنية استعراضية للعرض خاصة بعد اكتشاف الأسلحة النارية، ولم يكن من الصعب ملاحظة إن الكثير من شباب غزة متحمس لممارسة هذه الأساليب رغبة في تقوية البدن والروح على حد السواء، فمن ممارس مثل هذا النوع من الألعاب لا يتعلم فقط مجرد حركات بدنية مثل الركلات والضربات باليد والمصارعة وغير ذلك من وسائل الهجوم والدفاع على حد السواء ولكن يتعلم كذلك الكثير من الأخلاقيات مثل التواضع واحترام الآخرين والصبر والتحمل.
عندما انتصر حزب الله على إسرائيل في حرب 2006 لم يكن سبب النصر التكنولوجيا التي أستخدمها حزب الله في الحرب فإسرائيل تمتلك من التكنولوجيا والأسلحة ما يكفى للتفوق على كل الجيوش العربية وليس مجرد حزب لا يزيد عدد جنود عن 15 ألف جندي ولكن حزب الله تفوق بتلك الإرادة الحديدية التي يمتلكها فالجندي الذي يحمل السلاح المضاد للدبابات كان يقسم على نفسه إلا يطلق قذيفته إلا إذا كان واثقا من إصابة الهدف ولذا كان يقترب إلى أقرب حد ممكن ليتأكد من هدفه وفي هذا خطر شديد عليه فقد يدفع حياته الثمن ولكنها تلك الإرادة التي تحرك كل فعل وتحفز إلى كل عمل ناجح فإذا توفرت هذه الإرادة وإذا وُجد هذا الإيمان كان العمل وكانت التضحية.
والكونج فو هو أحد أساليب تقوية تلك الإرادة، فالإرادة والتضحية تحتاج لأجساد وعقول وروح أقوى ما يكون ومن هنا جاءت دعوتي تحت عنوان أنصر فلسطين بالكونج فو وهي دعوة للجميع ولكل من يريد حقا أن يساهم في خدمة قضية الدين والوطن سواء في الداخل أو الخارج لأننا لن نهزم إسرائيل بعددنا ولا بقوتنا ولكن بتلك الإرادة، والكونج فو كفيل بتربية هذه الإرادة ورعايتها وتنميتها.
نعم لن نقاتل دبابات العدو بالكونج فو وكذلك لن نعيد الكهرباء على غزة بالكونج فو وهنا انقل لكم كلمات لأحد أبطال العرب والمسلمين في الكونج فو يقول فيها {ولَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ولَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِين} (التوبة: 46). {وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ومِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّكُمْ} (الأنفال: 60). لم أنقطع يوميًّا عن ترديد تلك الآيات على مدار سنوات التدريب الطويلة، منذ أن بدأت ممارسة الكونغ فو عام 1990، وعلى مدار تلك السنوات أُحدِّث نفسي أن تدريب الكونغ فو من العُدَّة التي أُعدُّها للخروج؛ حتى لا أكون مع القاعدين، وتعلمت كيف أُحوِّل انفعالاتي وغضبي إلى ضربات وتمارين، تنعكس إيجابيًّا على بدني، وعلى مستواي الذي يزداد يومًا بعد يوم.
ولكننا بالكونج فو سنتحدي الظلام وسنتحدي دبابات العدو فحول إحساسك بالكونغ فو من مجرد لعبة تستمتع بها إلى إحساس بالواجب والمسئولية، خاصة أنها تلائم ظروف مجتمعنا تمامًا؛ فالكونغ فو لعبة الفقراء والمظاليم، وهذا هو واقعنا (فقراء ومظاليم) رغم أن هذا حصاد أيدينا؛ فنحن لسنا أهلا للضعف بمكان، ولكن -كما يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم- أصابنا الوهن: حب الدنيا وكراهية الموت. والكونغ فو يلائم ظروفنا المعيشية؛ حيث يمكن ممارسة تمارينه في أي مكان، حتى وأنت تسير في الشارع، بمجرد تعلم الأساسيات الخاصة به.
من هنا أحملكم شعار انصر الإسلام بالكونغ فو؛ فلن يعيد للإسلام سلطانه إلا شباب قوي رياضي قادر على التحمل والعطاء، وبذل كل تضحية من أجل بلادنا وقضيتنا.
     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق